• مرحبًا بكم في موقع إعداد المفتين عن بُعد - دار الإفتاء المصرية

أنت هنا

الرئيسية » شيوخ دار الإفتاء » فضيلة الشيخ أحمد محمد عبد العال هريدي » صناعة المفتى » أركان الفتوى » المستفتي

المستفتي

منطلقات في حل مشكلة الفتوى (مشكلة الاستفتاء):

ربما كان هناك قصور في المعالجة، فالملاحظ أن التركيز منصب على إصلاح المفتي، دون اهتمام كاف بإصلاح المستفتي، مع أن عمل المستفتي هو شرارة البدء في عملية الإفتاء؛ إذ إن جواب المفتي هو رد فعل على مبادرة المستفتي بالسؤال.

وهذا يقتضي أن نضيف مشكلات الاستفتاء إلى فصول مشكلة الفتوى، وأن نعنى بحل مشكلات الاستفتاء بقدر كاف من الاهتمام.

والحل يكمن في تربية المستفتي على الاستفتاء الرشيد من خلال تربية المستفتي على ثقافات خمس، هي: ثقافة الاختيار، وثقافة العرض، وثقافة الحوار، وثقافة الفهم، وثقافة العمل الرشيد.

فثقافة الاختيار: تكفل اجتناب المفتي غير الصالح، فتنبني عملية الفتوى على أساس سليم.

وثقافة العرض: ركن مهم في سلامة الفهم من قبل المفتي، ولا يخفى أن فهم السؤال فهمًا سليمًا من أسس بناء الفتوى الرشيدة.

وثقافة الحوار: تحقق أمرين مهمين، هما: إخراج التفاصيل المهمة والعناصر الجوهرية التي قد يهملها المستفتي إما نسيانًا وإما اعتقادًا منه عدم أهميتها، والواقع أن المفتي في حاجة إلى معرفتها، وثانيهما: أن الحوار يفيد في اقتناع المستفتي وفهمه للفتوى.

ثم تأتي ثقافة الفهم: لتكسب الفتوى فائدتها العملية؛ إذ لا يتمكن المستفتي من العمل بالفتوى إلا بعد الفهم السليم لها.

وأما ثقافة العمل الرشيد: فهي صمام أمان يكفل الحفاظ على الثمرات الطيبة المرجوة من الفتوى الرشيدة الصادرة من المفتي.

فإذا كان لدى المستفتي ثقافة الاختيار وثقافة العرض وثقافة الحوار وثقافة الفهم وثقافة العمل الرشيد، فلا يخفى ما لهذه الثقافات –المطلوب تربية المستفتين عليها- من أثر بالغ في ترشيد العملية الإفتائية وتصحيح لأساسها.

فالمستفتي لو نجحنا في إكسابه الوعي وتربيته على الاستفتاء الرشيد فسيدفعه هذا الوعي إلى تجاوز المفتي غير الصالح إلى المفتي الصالح، فينحل-بوعيه المنشود- قدر كبير من المشكلة. وفي حديث: ((إنما أقضي على نحو ما أسمع ولعل أحدكم يكون ألحن بحجته من بعض)) فصل مهم من فصول ترشيد المستفتين، باعتبار أن القضاء صنو الإفتاء، فهنا عني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتربية المستفتي على ثقافة العرض، وما ينبغي أن يكون عليه المستفتي من تحري الدقة في حكاية الوقائع ووصف التفاصيل، وفي نحو حديث الخثعمية فصول من تربية المستفتين على ثقافة الحوار.

ولا يفهم من هذا أن التركيز ينبغي أن ينصب على المستفتي دون المفتي، بل المراد أن معالجة المشكلة ينبغي أن يراعى فيها المنطلق والبدء وهو المستفتي، كما يراعى الطرف الثاني الذي لا يختلف اثنان في أن العمل على إصلاحه ركن ركين في حل المشكلة.