• مرحبًا بكم في موقع إعداد المفتين عن بُعد - دار الإفتاء المصرية

أنت هنا

الرئيسية » اختلاف الفتوى والمفتين

اختلاف الفتوى والمفتين

الاختلاف بين المفتين - أنواعه وأسبابه:

أ ـ أنواع الاختلاف بين العلماء:

ليس كل تعارض بين قولين يعتبر اختلافًا حقيقيًّا بينهما، فإن الاختلاف إما أن يكون اختلافًا في العبارة، أو اختلاف تنوع، أو اختلاف تضاد. وهذا الأخير فقط هو الاختلاف الحقيقي.

أما الاختلاف في العبارة فأن يُعبِّرَ كل من المختلفين عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه.

مثال ذلك: تفسير الصراط المستقيم، قال بعضهم: هو القرآن، وقال بعضهم: هو الإسلام. فهذان القولان متفقان؛ لأن دين الإسلام هو اتِّباع القرآن الكريم. وكذلك قول من قال: هو السنة والجماعة.

وأما اختلاف التنوع فأن يذكر كل من المختلفين من الاسم العام بعض أنواعه على سبيل التمثيل وتنبيه المستمع، لا على سبيل الحدِّ المطابق للمحدود في عمومه وخصوصه.

مثال ذلك تفسير قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ }[فاطر: 32] ، قال بعضهم: السابق الذي يصلي أول الوقت، والمقتصد في أثنائه، والظالم لنفسه الذي يؤخر العصر إلى الاصفرار. وقيل: السابق المحسن بالصدقة، والمقتصد بالبيع، والظالم بأكل الرِّبا.

واختلاف التنوع في الأحكام الشرعية قد يكون في الوجوب تارة وفي الاستحباب أخرى: فالأول مثل أن يجب على قوم الجهاد، وعلى قوم الصدقة، وعلى قوم تعليم العلم. وهذا يقع في فروض الأعيان كما مثل. وفي فروض الكفايات، ولها تنوع يخصها، وهو أنها تتعين على من لم يقم بها غيره: فقد تتعين في وقت، أو مكان، وعلى شخص أو طائفة كما يقع مثل ذلك في الولايات والجهات والفتيا والقضاء.

ومن جهة أخرى: فإن التنوع واختلاف الأنظار في إدراك الجهات الأربع للفتوى والتي بها تتغير الفتوى يكون مثار اختلاف بين العلماء في الفتوى، فقد تختلف هذه الجهات الأربع اختلافًا دقيقًا يوجب تغير الفتوى، ولا يلحظ هذا الاختلاف إلا الفقهاء، كما قد يختلف الفقهاء أنفسهم في محل الحكم، أو في تصوير الواقعة وتكييفها الشرعي قبل تنزيل الحكم عليها، كما هو موجود وملاحظ في الكثير من المعاملات المالية المعاصرة، فالرِّبا مثلا لا خلاف في حرمته، ولكن يختلف العلماء المعاصرون في تصوير وتكييف العديد من المعاملات المالية الحديثة بما يترتب عليه الخلاف بينهم في تنزيل حكم الرِّبا عليها أو عدم تنزيله عليها لأنها لا تدخل فيه أصلا.

ومن جهة ثالثة: فإن أمور الدين التي يمكن أن يقع فيها الخلاف إما أصول الدين أو فروعه، وكل منهما إما أن يثبت بالأدلة القاطعة أو لا، فهي أربعة أنواع:

النوع الأول: أصول الدين التي تثبت بالأدلة القاطعة، كوجود الله تعالى ووحدانيته، وملائكته وكتبه ورسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - والبعث بعد الموت ونحو ذلك، فهذه أمور لا مجال فيها للاختلاف.

النوع الثاني: بعض مسائل أصول الدين التي ثبتت بأحاديث الآحاد، فهذه لا يجوز تكفير المخالفين فيها؛ لثبوتها بأدلة ظنية.

النوع الثالث: الفروع المعلومة من الدين بالضرورة كفرضية الصلوات الخمس، وحرمة الزنا، فهذا ليس موضعًا للخلاف.

النوع الرابع: الفروع الاجتهادية التي قد تخفى أدلتها، فهذه الخلاف فيها واقع في الأمة، ويعذر المخالف فيها؛ لخفاء الأدلة أو تعارضها، أو الاختلاف في ثبوتها، وهذا النوع هو المراد في كلام الفقهاء إذا قالوا: في المسألة خلاف.