• مرحبًا بكم في موقع إعداد المفتين عن بُعد - دار الإفتاء المصرية

أنت هنا

الرئيسية » آداب المفتي والمستفتي

آداب المفتي والمستفتي

آداب المستفتي:

أ ـ آداب واجبة عند السؤال:

1. اجعل للسؤال عن حكم الشرع قيمة كبيرة وحرمة في نفسك؛ فلا تركض وراء المفتي لتستفتيه في الطرقة مثلا، ولا تهتف به مِن خلفه أدبًا معه؛ فإنما يُنادَى من الخلف البهائم، كما أوصى الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه تلميذه بذلك.
    2. جَرِّد نفسك لطلب الحق والصواب، وهيئها لقبول الحكم الشرعي ولو كان على غير هواك؛ فإن المفتي مكلف ببيان دين الله كما يعلمه، سواء أوافق ذلك هوى الناس أم خالفهم، ولا تتصور أن إنسانًا عاقلا يقبل أن يبيع دينه بدنيا غيره، وحتى لو لم تقتنع بالفتوى وغلبتك نفسك على قبولها فتأدب في تلقيها وانصرف راشدًا من غير استنكار ولا رفع صوتٍ حتى يفتح الله تعالى عليك في فهمها.
    3. إذا سألت فاسأل سؤال مُستفهِم يريد معرفة الحكم الشرعي، ولا تتحرج من السؤال عما لا تعلمه، وليكن سؤالك مهذبًا وواضحًا، أما إن سألت تعنتًا أو امتحانًا أو تعجيزًا فلن يبارَك لك فيما تسمعه؛ لأنك تغلق بذلك على نفسك، كما قال مجاهد رحمه الله: «لا يتعلم العلم مستَحْيٍ ولا مستكبر»[رواه البخاري تعليقًا].
    4. فرِّق في الاستفتاء في أمور الأحوال الشخصية بين السؤال عن الحكم الشرعي وبين حكاية المشكلة الاجتماعية التي لا تأثير لها في معرفة الحكم الشرعي، واقتصر في ذلك على ذِكْر ما يرشد المفتي إلى كونه مؤثرًا في الوصول إلى الحكم الصحيح؛ مراعيًا بذلك وقت غيرك ممن يشق عليه الانتظار.
    5. هناك من الأسئلة ما يجب فيه حضور صاحبه ليسأل بنفسه، ولا يكفي حضور شخص آخر للسؤال بدلا عنه، كألفاظ الطلاق مثلا؛ فإن المفتي يحتاج فيها إلى الاستفسار عن لفظ الطلاق ونيته وظرف صدروه وغير ذلك مما تتوقف عليه الفتوى، فإذا صدر من الزوج لفظ طلاق فهو المكلف بالسؤال عن حكم الشرع فيه لا زوجته ولا غيرها؛ لأن الشرع حـمَّله هو أمر الطلاق والنية فيه، وإذا أخبر زوجته بالفتـوى فلتصدقه؛ لأن الشـرع لم يكلفها بأن تشق عن صدره لتعرف ما إذا كان صادقًا أو كاذبًا في نفس الأمر، وإن كان كاذبًا فالإثم عليه وحده ولا إثم على الزوجة ولا حرج.
    6. إذا كذب المستفتي في سؤاله وذكر ما يخالف الحقيقة فإن فتوى المفتي لا تحلل له حرامًا ولا تحرم حلالا؛ لأن الفتوى على الظاهر والله يتولى السرائر، والأمر كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِى لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ بِهِ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ»[متفق عليه]، فاتق الله تعالى وراقبه في سؤالك.
7. لا تكثـر من السـؤال والتـنقير فتشدد على نفسك وعلى الناس، واشـتغل بالسؤال في الأصول عن المسائل والصور والافتراضات؛ فالله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}[المائدة: 101]، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «أَعْظَمُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ وَنَقَّرَ عَنْهُ فَحُرِّمَ عَلَى النَّاسِ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ»[رواه مسلم]، ولمـا خطب عليه الصلاة والسلام في الناس وقال لهم: «أَيُّهَا النَّاسُ! قَدْ فَرَضَ الله عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا» قَالَ له رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ الله؟ فَسَكَتَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يجبه حَتَّى قَالَهَا الرجل ثَلاَثًا، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله سلم: «لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ»، ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وآلـه وسلم: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ؛ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ؛ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ»[متفق عليه]، والمـراد: الأخذ بظاهر الأمر وعدم الإكثار من الاستقصاء والاستكشاف كما فعل أهل الكتاب في قصة البقرة؛ شدَّدُوا فشُدِّدَ عليهم.