• مرحبًا بكم في موقع إعداد المفتين عن بُعد - دار الإفتاء المصرية

أنت هنا

الرئيسية » شيوخ دار الإفتاء » فضيلة الشيخ أحمد محمد عبد العال هريدي » صناعة المفتى » مكانة الإفتاء وحكمه » فضل الإفتاء

فضائل الإفتاء

للإفتاء فضائل عظيمة ومنزلة جليلة تتجلى بالنظر في الجوانب الآتية:

أ- المفتي موقع عن الله سبحانه وتعالى:

قال تعالى: ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ﴾ فالمولى سبحانه يخبر في قرآنه أنه هو سبحانه الذي يفتي عباده، فالفتوى تصدر أساسًا عن الله تعالى، فهي خطاب من الله تعالى، كالحكم الشرعي تمامًا.
فالإفتاء هو تبيين أحكام الله تعالى، وتطبيقها على أفعال الناس، فهي قول على الله تعالى، حيث يقول المفتي للمستفتي : حق عليك أن تفعل، أو حرام عليك أن تفعل.
ولذا شبه القرافي المفتي بالترجمان عن مراد الله تعالى، وجعله ابن القيم بمنزلة الوزير الموَقِّع عن الملك فقال: "إذا كان منصب التوقيع عن الملوك بالمحل الذي لا ينكر فضله، ولا يجهل قدره، وهو من أعلى المراتب السنيّات، فكيف بمنصب التوقيع عن رب الأرض والسموات".

....

ب- المفتي وارث لرسول الله صلى الله عليه وسلم:

النبي صلى الله عليه وسلم كان يتولى هذا المنصب في حياته، وكان ذلك من مقتضى رسالته، وقد كلفه الله تعالى بذلك حيث قال: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾.
وعلى هذا فالمفتي خليفة النبي صلى الله عليه وسلم في أداء وظيفة البيان؛ فأي شرف أن يقوم المفتي بأمرٍ هو في الأصل يصدر عن رب العالمين سبحانه وتعالى، وباعتبار التبليغ يصدر عن سيد الخلق أجمعين سبحانه وتعالى. وقد تولى هذه الخلافةَ بعد النبي - صلى الله عليه وسلم- أصحابُه الكرام، ثم أهل العلم بعدهم.
قال ابن الصلاح: "روينا ما رواه أبو داود السجستاني، وأبو عيسى الترمذي، وأبو عبد الله ابن ماجه القزويني في كتبهم المعتمدة في "السنن" من حديث أبي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ» فأثبت للعلماء خصيصة فاقوا بها سائر الأمة، وما هم بصدده من أمر الفتوى يوضح تحققهم بذلك للمستوضح، ولذلك قيل في الفتيا: إنها توقيع عن الله تبارك وتعالى".

....

ج- الإفتاء أرقى العلوم الفقهية:

ومما يبرز مكانة الإفتاء: أنَّ الفتوى فرعٌ من فروع علم الفقه، بل هو أَرْقى العلوم الفقهية وأَعْظَمُها، ولا يتأهل له كل دارس للفقه.
قال مفتي الديار المصرية الأسبق، فضيلة الشيخ محمد العباسي المهدي الحفني الحنفي -رحمه الله- في مقدمة كتابه "الفتاوى المهدية": "إنه من المعلوم لدى ذوي الفهوم أن من أجَلّ العلوم قدرًا، وأسْنَاها حِكمةً، وأدَقِّها سرًّا، وأشْمَخها رتبةً، وأعلاها وأعظمها قيمةً وأغلاها، وأفضلِ ما تَحَلَّتْ به العلماء، وامتازت بروايته النبلاء- علمَ الفقه... إذ عليه مدار صحة العبادات، وإليه المرجع في استقامة المعاملات، فكان مَدْرَأةً للمفاسد، مَجْلَبَة للمصالح والفوائد، به تصل الحقوق لأربابها، وتؤتى البيوتُ من أبوابها، وناهيك بفن أثنى عليه لسان النبوة، ونوَّه بذكره وأظهر شأنه وسُموَّه، فقد قال خاتم النبيين: «مَنْ يُرِدِ الله بِهِ خَيْرًا يُفَقَّهْهُ فِي الدِّينِ».
    ولما كان فن الفتوى من أكبر مزاياه الجليلة، وأنضر محاسنه الفائقة الجميلة، لم تزل الجهابذة في سائر القرون والأعْصَار، وعامة البلاد والأمصار، ناشرين لواءه بين الأنام، قائمين بحمل أعبائه أحمد قيام،... فلعمري إن هؤلاء العصابة هم في الحقيقة أهل الإصابة؛ لعموم الحاجة إليه، واعتماد الخاصة والعامة في حوادثهم عليه؛ فجزاهم الله تعالى عن دينه أحسن جزائه، ووالى عليهم جليل إحسانه وجزيل نعمائه، حيث أوضحوا مَحجَّتَه، وأبرزوا حُجَّته، وميزوا بين الغث والسمين، والصدَف من الدُّر الثمين؛ خدمة منهم لتلك الخُطَّة الشريفة، وقيامًا بواجب الشريعة المُنيفة.أ.هـ.

....

د- المفتي قائم بفرض الكفاية:

الإفتاء من فروض الكفاية، التي يجب أن يوجد في الأمة من يقوم بها على الوجه الأكمل؛ لأن الإفتاء من الأمور العظام التي يتوقف عليها إقامة الدين، وعلى هذا فالمفتي ساعٍ في صيانة الأمة عن الوقوع في إثمِ تركِ هذه الفريضة.