• مرحبًا بكم في موقع إعداد المفتين عن بُعد - دار الإفتاء المصرية

أنت هنا

الرئيسية » شيوخ دار الإفتاء » فضيلة الشيخ أحمد محمد عبد العال هريدي » صناعة المفتى » مكانة الإفتاء وحكمه » مكانة الإفتاء

مكانة الإفتاء

للإفتاء مكانة عظيمة، ومنزلة كبيرة تجليها نصوص الشرع الشريف، قال تعالى:{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ}[النساء: 127]، فربنا يخبر في قرآنه أنه هو سبحانه الذي يفتي عباده، فإن الفتوى تصدر أساسًا عن الله، فهي خطاب من الله كالحكم الشرعي تمامًا.

والنبي صلى الله عليه وسلم كان يتولَّى هذا المنصب في حياته، باعتبار التبليغ فكل ما يلفظ به هو وحي من الله كما قال تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى* إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى}[النجم: 3، 4]، وكان ذلك من مقتضى رسالته، وقد كلَّفه الله تعالى بذلك حيث قال: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[النحل: 44].

فأي شرف أن يقوم المفتي بأمر هو في الأصل يصدر عن رب العالمين، وباعتبار التبليغ يصدر عن سيد الخلق أجمعين، فالمفتي خليفة النبي في أداء وظيفة البيان، وقد تولَّى هذه الخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الكرام، ثم أهل العلم بعدهم.

فالإفتاء هو تبيين أحكام الله تعالى وتطبيقها على أفعال الناس، فهو قول على الله تعالى، حيث يقول المفتي للمستفتي: حق عليك أن تفعل، أو حرام عليك أن تفعل، ولذا شَبَّهَ العلماءُ المفتي بالترجمان عن مراد الله تعالى، وجعلوه بمنزلة الوزير الموقع عن الملك، وإذا كان منصب التوقيع عن الملوك بالمحل الذي لا ينكر فضله، ولا يجهل قدره، وهو من أعلى المراتب السَّنِيَّات، فكيف بمنصب التوقيع عن رب الأرض والسموات.

وهذه الدرجة العالية للإفتاء ينبغي ألا تدفع الناس للإقبال عليه، والإسراع في ادِّعاء القدرة عليه، سواء أكان ذلك بحسن نية وهي تحصيل الثواب والفضل، أم بسوء نية كالرياء والرغبة في التسلط والافتخار بين الناس، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار»[أخرجه الدارمي].